في كتاب آفات اللسان ( الكتاب الرابع والعشرون من كتاب إحياء علوم الدين) للإمام الغزالي ، قسم الغزالي آفات اللسان من الأقل إلى الأكثر إلى عشرين فصلاً، من الأفعال العادية، كالحديث فيما لا يعنينا، والثرثرة الزائدة، والكلام المتكلف، إلى العيوب الأشد خطورة، كاستعمال الكلمات البذيئة، واللعن، والسخرية من الآخرين، والوعود الكاذبة، والكذب، والنميمة، والغيبة (حتى بالإشارة والنظر).
وقد حدد الغزالي كل عيب من العيوب بدقة، وحلل أبعاده النفسية والروحية. وقدم أمثلة على كيفية ظهور هذه الآفات في السلوك، وسلط الضوء على آثارها على الآخرين، بينما حدد العواقب على النفس. وأخيراً، قدم اقتراحات عملية للقضاء على هذه الآفات، وأكد على الطبيعة المدمرة لعواقبها، سواء في هذه الحياة أو في الآخرة.
إن الغزالي يشرح ببراعة طبيعة اللسان ذاته. فمن بين كل الأعضاء التي يمكننا تحريكها بشكل مباشر، فإن اللسان هو الأسهل استخداماً، ولكنه الأصعب في التحكم؛ ورغم أنه يبدو غير ضار، فإنه يشكل خطراً على أنفسنا وعلى الآخرين. وباستخدام لساننا، يمكننا أن نتواصل مع السطحيين والعميقين؛ ويمكننا أن نعلن إيماننا ونعزي إخواننا أو نجرح من حولنا الذين يخاطرون بمستقبلنا في الآخرة. إن جدارة الحل ـ الصمت في كثير من الأحيان ـ قد تكون بالغة الصعوبة.
ورغم أن إساءة استخدام موهبة الكلام ليست بالأمر الجديد (كما يظهر هذا العمل الذي ألف قبل نحو 950 عاماً)، فإنها ربما أصبحت أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى. ففي عصر الاتصالات القائمة على الإنترنت، نستطيع أن نتوقع أي شيء يخطر على بالنا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، في غضون جزء من الثانية. ومع ذلك فإن نتائج هذا القرار الذي يتم اتخاذه في جزء من الثانية قد تستمر إلى ما لا نهاية تقريباً، مما يتسبب في الأذى والندم. وعلى هذا فإن آفات اللسان ذات صلة وثيقة بعصرنا.
المؤلف : الغزالي
الغلاف: غلاف ورقي